Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 08/Nov 15:45

اكتشاف الحياة البرية في تسمانيا: أرض الكنغر والهدوء

على الطرف الجنوبي من أستراليا، حيث تنحسر الضوضاء وتبدأ الطبيعة في رسم ملامحها الخالصة، تقع جزيرة تسمانيا، واحدة من أكثر الوجهات الهادئة والعذراء على وجه الأرض. هذه الجزيرة المنعزلة تجمع بين الجبال المكسوة بالغابات، والشواطئ البيضاء اللامتناهية، والأنهار المتعرجة التي تنساب في هدوء تام. لكنها أيضًا موطن لمجموعة مذهلة من الكائنات الفريدة التي لا توجد في أي مكان آخر، مثل شيطان تسمانيا والكنغر الرمادي والولب والطيور النادرة. زيارة تسمانيا ليست مجرد رحلة سياحية، بل هي تجربة غامرة في قلب الحياة البرية، حيث يتجلى التوازن بين الإنسان والطبيعة في أجمل صوره. محميات طبيعية تحفظ سحر الحياة البرية تتميز تسمانيا بوفرة محمياتها الطبيعية التي تشكل أكثر من 40% من مساحتها، ما يجعلها وجهة مثالية لعشاق الطبيعة والبيئة. في حديقة كريدل ماونتن – ليك سانت كلير الوطنية، يستطيع الزائر التجول بين الغابات الكثيفة ومراقبة حيوانات الوومبات والكنغر وهي تتجول بحرية في الممرات. أما حديقة فريسينت الوطنية الواقعة على الساحل الشرقي، فتشتهر بشاطئ واينغلاس باي ذي المياه الفيروزية والرمال البيضاء، حيث يمكن مشاهدة طيور البحر والدلافين من على القوارب الصغيرة. كما تُعد غابة فرانكلين-غوردون البرية من أندر المناطق الطبيعية في العالم، إذ تحتضن غابات مطيرة بدائية تعود إلى آلاف السنين، وتُعتبر من مواقع التراث العالمي لليونسكو. هذه المحميات ليست فقط وجهات للتنزه، بل مختبرات طبيعية تحافظ على التنوّع البيولوجي الذي تشتهر به الجزيرة. لقاء مع المخلوقات الأسترالية الفريدة لا يمكن الحديث عن الحياة البرية في تسمانيا دون ذكر سكانها الأشهر: شيطان تسمانيا. هذا الحيوان الصغير القوي الذي اشتهر بصوته الغريب وطباعه الحادة، يُعتبر من الرموز البيئية المهمة للجزيرة، إذ يسهم في الحفاظ على التوازن البيئي من خلال تغذيته على الجيف والمخلفات. يمكن مشاهدة هذه الكائنات عن قرب في محميات مثل تازمانيا ديفيل أنزبلوج وبونورونغ وايلدلايف سانكشوري، حيث تُنفذ برامج لحمايتها من الانقراض. إلى جانب ذلك، يمكن رؤية الكنغر الرمادي والولب يتجولان بحرية في السهول المفتوحة، بينما تملأ الطيور الملونة السماء بأصواتها، من بينها الكوكابورا والببغاء الأخضر والنسور السوداء. أما عشاق البحر، فسيجدون متعة كبيرة في مشاهدة الفقمة والبطاريق الصغيرة على السواحل الجنوبية، لا سيما في منطقة بورن وبروني آيلاند. مغامرات في أحضان الطبيعة الهادئة رغم طابعها الهادئ، فإن تسمانيا لا تخلو من المغامرات الممتعة التي تسمح للزوار بالاندماج في بيئتها الفريدة. يمكن لمحبي المشي خوض تجربة Overland Track، أحد أشهر مسارات المشي في العالم، الذي يمتد لمسافة 65 كيلومترًا عبر الجبال والبحيرات والوديان. أما أولئك الذين يفضلون استكشاف الساحل، فيمكنهم القيام برحلات القوارب لاستكشاف الكهوف البحرية ومشاهدة الحيتان خلال موسم هجرتها بين يونيو وأكتوبر. كما تجذب تسمانيا المصورين من كل أنحاء العالم بفضل مناظرها الخلابة التي تجمع بين الغابات الكثيفة والشواطئ الصخرية والإضاءة الطبيعية الساحرة، خاصة وقت الغروب. وتظل الهدوء الذي يلف الجزيرة جزءًا من سحرها، فهي مكان يُتيح للزائر الانفصال عن صخب الحياة اليومية والعودة إلى جوهر الطبيعة. في الختام، تبقى تسمانيا واحة للحياة البرية والسكينة، حيث تتلاقى الأصالة الأسترالية مع الجمال الطبيعي البكر. إنها وجهة مثالية لمن يبحث عن تجربة مختلفة، تمزج بين التأمل والمغامرة، بين مشاهدة المخلوقات النادرة والاستمتاع بالهواء النقي. وبينما تشرق الشمس على غاباتها الكثيفة وتغيب خلف جبالها الشامخة، يدرك الزائر أنه ليس مجرد مسافر، بل شاهد على انسجام استثنائي بين الإنسان والطبيعة في أرض الكنغر والهدوء. تم نشر هذا المقال على موقع سائح