Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 19/Oct 01:21

مسؤولية مزاولي مهنة التغذية في البحرين

بات الاهتمام بالصحة والتغذية اليوم من أبرز أولويات المجتمع البحريني، فالغذاء لم يعد مجرد وسيلة للشبع، بل أصبح وسيلة وقاية وعلاج، وعنصرًا أساسيًا للحفاظ على جودة الحياة.  ومع ذلك، يبرز تحدٍ خطير يهدد صحة الأفراد وثقة المجتمع، وهو انتشار ممارسة مهنة التغذية من قبل غير المرخصين وغير المؤهلين والقصد هنا ليس بمدربي الرياضة المحترفين الذين يوصون بحمية غذائية رياضية مختصة بل الهواة الذين لا يملكون أدنى المعلومات الغذائية، خصوصًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لذا بات من المهم على الجهات المعنية التصدي لهذه الظاهرة ومنع انتشارها. نظمت التشريعات الصحية في البحرين مهنة التغذية عبر مراسيم وقرارات وزارية، أبرزها المرسوم بقانون رقم (2) لسنة 1987 بشأن مزاولة غير الأطباء والصيادلة للمهن الطبية المعاونة، والقرارات الوزارية رقم (3) لسنة 1996، ورقم (8) لسنة 2006 بشأن تنظيم مزاولة مهنة التغذية، والقرار رقم (24) لسنة 2016 الذي اكد على أدراجها ضمن المهن الطبية المعاونة، وقد ميز المشرع البحريني بين مهنة التغذية، الذي يهدف للوقاية والعلاج، والتغذية العلاجية، التي تُعنى بالمرضى بعد التشخيص الطبي وإعداد قوائم غذائية متخصصة. ويشترط لمزاولة مهنة التغذية في البحرين، وفقًا لما نص عليه القرار رقم (8) لسنة 2006 الذي تم الإشارة إليه الحصول على ترخيص رسمي من الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية (NHRA)، مع استكمال المؤهلات الأكاديمية المحددة لكل فئة: دبلوم لفني التغذية، وبكالوريوس مع دورات متخصصة لأخصائي التغذية، وبكالوريوس في التغذية العلاجية أو بكالوريوس في التغذية مع دورة متخصصة لأخصائي التغذية العلاجية وبذلك لايجوزلغيرالمختصين ممارسة المهنة دون الترخيص والمؤهل الأكاديمي. (اقرأ الموضوع كاملا بالموقع الإلكتروني) وقد حدد المشرّع البحريني صور المسؤولية القانونية التي قد يتحملها مزاولو مهنة التغذية، وتشمل المسؤولية التأديبية، والجنائية، والمدنية فالمسؤولية التأديبية تقع على المرخص لهم عند مخالفة القوانين أو أصول وآداب المهنة، وتتمثل عقوباتها في الإنذار أو الوقف عن العمل أو إلغاء الترخيص. أما المسؤولية الجنائية والمدنية فتشمل الممارسين المرخصين وغير المرخصين على حد سواء، سواء كانت عن الأفعال العمدية مثل التلاعب في التقارير أو وصف مكملات ضارة، أو غير عمدية ناتجة عن الإهمال أو التقصير. وتتدرج العقوبات فيها وفقًا لقانون العقوبات البحريني من الحبس والغرامة إلى السجن المؤبد أو الإعدام في حال تقديم مكملات سامة عمدًا لمتلقي العناية مع علم مقدمها كما يتحمل الممارس المسؤولية المدنية عن تعويض أي ضرر مباشر أو غير مباشر، جسدي أو نفسي، وفقًا لأحكام المسؤولية التقصيرية أو العقدية بحسب نوع الضرر.  والحقيقة باتت ظاهرة انشار ممارسي المهنة غير المؤهلين في وسائل التواصل الاجتماعي تشكل خطراً إذ يصعب على الأفراد التفرقة بين المرخص وغير المرخص إذ يقدمون أنفسهم كـخبراء تغذية أومستشارين غذائيين، وهؤلاء الممارسين يضعون جداول غذائية عامة، ويوصون بمكملات غير مناسبة، ويستخدمون مسميات مضللة تُشعر المتلقي بأنهم مؤهلون، وهنا يبرز دور الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية(NHRA) والتي يقع على عاتقها دورًا محوريًا في التحقق من الترخيص، ومراقبة الإعلانات، وتفعيل الشكاوى، وفرض تنظيمات صارمة وعقوبات على غير المرخصين لحماية صحة المجتمع وضمان الممارسة المهنية السليمة.  والخلاصة أن مهنة التغذية ليست هواية، ولا مجالًا مفتوحًا لمن يبحث عن شهرة أو ربح سريع على حساب صحة الآخرين، بل إنها مهنة علمية راسخة، تحكمها قوانين وتشرف عليها جهة رسمية، وتمثل جزءًا من المنظومة الصحية الوطنية، وإن التساهل مع الممارسين غير المرخصين يهدد المجتمع بأسره، ويعرّض حياة الأفراد للخطر.