Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 19/Nov 21:56

"عزة" ونظرة جريئة على حياة امرأة سعودية في القاهرة السينمائي

تظل المملكة العربية السعودية بؤرة خصبة للسرديات الإبداعية حول النساء، ومع فيلم "عزة" الذي عرض في مهرجان القاهرة السينمائي تغوص المخرجة الألمانية ستيفاني بروكهاوس في الحياة الشجاعة لعزة الشريف، وهي أم مطلقة تشق طريقها في عالم يهيمن عليه الرجال وتكسب رزقها من خلال إعطاء دروس في قيادة السيارات للنساء. إنه فيلم متفائل ومفعم بالأمل، مليء بالفكاهة والدموع والمفاجآت، يتميز بوتيرة سريعة وتصوير فائق الجودة، ليقدم وثائقيًا جذابًا وجميلاً يُعرض لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضمن قسم "آفاق السينما العربية" بالمهرجان، بعد أن شق طريقه عبر مهرجانات الأفلام الوثائقية الأوروبية. المخرجة بروكهاوس، التي تشمل أعمالها السابقة "على الجانب الآخر من الحياة"، و"بعض الأشياء يصعب الحديث عنها"، و"الشاعرة"، لا تظهر في الفيلم إلا كصوت من خلف الكواليس، لكن حضورها محسوس بقوة بصفتها المحاوِرة التي تستمع إلى عزة وتتعاطف مع استبطانها الصادق. إن التعاطف الأنثوي هو تيار قوي يسري عبر المشاهد المنسوجة بمرونة، وتشجع رابطة الصداقة بين المخرجة والبطلة على الصراحة والثقة. تجلس عزة، التي ترتدي الأسود مثل الشابة التي تقود بجانبها، خلف مقود سيارتها الدفع الرباعي القوية وتناقش مدى سوء السائقين الآخرين. الرجال بشكل خاص يتسمون بالغطرسة عندما يرون امرأة تقود، ولا تضيع عزة وقتًا في وضع سائق السيارة التي أمامها في مكانه. هذا المشهد هو مقدمة مُختارة بعناية لوجهة نظر البطلة ورفضها المطلق للتهميش بسبب جنسها، ويؤكده عزف موسيقي خفيف ومرح. تشكل قصة زواج عزة وطلاقها جزءًا كبيرًا من شخصيتها، ومع لقائها بأفراد عائلتها المختلفين، تظهر دراما مؤلمة من العنف والخيانة. كانت عزة في السادسة عشرة ومنغمسة في دراستها عندما قرر والدها أنها اكتفت من التعليم وتحتاج إلى الزواج. وعندما رفضت اختياره للزوج، أشهر في وجهها سكينًا. تزوجت الرجل من أجل عائلتها لكن الزواج كان كارثة، طالبت عزة بالطلاق وحصلت عليه بعد أن قادت سيارة زوجها بعيدًا وهددت بتدميرها ما لم يطلقها. لقد منحها الطلاق، ولكنه احتفظ بجميع الأطفال. هذه الملحمة المتأرجحة بين المعاناة والتفوق تصدق على الحياة لدرجة أن قصة عزة لا تنزلق أبدًا إلى النبرة الشجية للضحية، رغم أن بعض سوء المعاملة الذي تصفه يذرف دموعها. ثم تمسحها وتتعهد بالتغلب على الأوراق السيئة التي لُعبت ضدها. ما يؤلمها هو أنها، رغم كل مهاراتها، لا تستطيع الحصول على وظيفة ذات أجر جيد تسمح لها بالعيش مع أطفالها الأربعة الأصليين بالإضافة إلى الطفلة التي أنجبتها من زوجها الثاني ماهر، كل ذلك لأنها لا تحمل شهادة جامعية. ثم تعد بحماس قائلة: "سأمتلك أكاديميتي الخاصة يومًا ما." إنها صورة مذهلة للمملكة العربية السعودية المعاصرة، حيث يشهد دور الزوجة التقليدية، في أحد أكثر تجلياته تطوراً سريعاً. لا تغفل عزة عن الإشارة إلى التغيير في القوانين في عام 2017 والذي سمح للمرأة باستئجار الشقق باسمها للمرة الأولى. وربما الأكثر إدهاشًا هو الحرية المطلقة التي تظهرها عزة في الطبيعة، حيث تكون على طبيعتها تمامًا. بعد الحصول على إذن ماهر المتردد لقضاء أربعة أيام في السفر حول الصحراء مع طاقم الفيلم، تكتشف عزة عالمًا من الجمال لم تكن تعلم بوجوده من قبل. خلف مقود سيارتها الدفع الرباعي، ترسم أشكالًا في الرمل وتصلح أعطالًا طفيفة، فخورة بأنها قامت بذلك بنفسها دون طلب مساعدة. في إحدى اللحظات، تقفز من السيارة في هطول مفاجئ للمطر، وتستمتع به وهي تهتف: "أنا سعيدة!" هذه اللحظات مصحوبة بموسيقى آميلي ليجراند الهادئة والمبهجة التي تنقل تفاؤلها. مقابل هذه الموسيقى الخفيفة، هناك الحركة سريعة التكشف، التي حررتها أولريكه تورتورا كـ "كاليدوسكوب" من الصور المتحركة — القيادة، ركوب الخيل، رعي الجِمال، استخراج حجر عقيق قديم من صخرة ما قبل التاريخ. التصوير السينمائي عالي الجودة، الذي يعود الفضل فيه إلى آن ميسيلويتس وبروكهاوس، واضح وحيوي، مما يضفي إحساسًا ملحميًا على امتدادات الطريق السريع اللانهائية التي تشق الكثبان الرملية، ويحول الظلام العميق لليل إلى غلاف دافئ للنساء الشجاعات بما يكفي للنوم تحت النجوم. الفيلم من اخراج وسيناريو ستيفاني بروكهاوس، والبطولة لعزة الشريف وانتاج هانس روبرت أيزنهاور.