X

Vous n'êtes pas connecté

Maroc Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 18/Nov 19:52

دراما العدالة: قراءة في تجسيد المحامي سينمائيا

من بين المهن التي وجدت طريقها مبكرًا إلى الشاشة الكبيرة، تظل مهنة المحاماة من أكثر المِهن قدرة على استقطاب المخرجين وصنّاع الأفلام، لما تنطوي عليه من توتر إنساني، وصراع أخلاقي، ودراما محتدمة داخل قاعات المحكمة أو خارجها. فهذه المهنة التي تقوم أصلًا على الدفاع عن الإنسان وكرامته والبحث عن الحقيقة، تحولت في السينما إلى مادة درامية ثرية تحمل في طياتها الكثير من الأسئلة، والكثير من الأدوار التي تحتاج إلى ممثل يتقن كل التفاصيل الدقيقة، من الوقفة والحركة ونبرة الصوت، إلى الإقناع الحقيقي في لحظة المواجهة. إنّ الممثل الذي يؤدي دور المحامي لا يواجه نصًا يُحفظ فقط، بل يواجه شخصية متخمة بالأبعاد: محامٍ قد يكون مثقلاً بالهموم، أو مدفوعًا بالمبادئ، أو ممزقًا بين الحقيقة والواجب. لذا، ليس غريبًا أن يُعدّ هذا الدور أحد أصعب الأدوار على الإطلاق، لأنه يتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة المهنة، وقدرة على الانصهار في الشخصية حتى تبدو وكأنها تنتزع حضورها من قلب الواقع نفسه لا من صفحات السيناريو. وقد شهدت السينما العربية والعالمية نماذج مشرقة لهذا الأداء، حين استطاع بعض النجوم أن يتركوا بصمتهم في وجدان المشاهد من خلال أدوار محامين تجاوزوا حدود التمثيل إلى الاقناع المطلق. ويأتي في مقدمتهم الفنان الكبير أحمد زكي في فيلم "ضد الحكومة"، حين جسّد شخصية المحامي خلف، الرجل الذي وجد نفسه في مواجهة منظومة كاملة وهو يدافع عن قضايا التعويضات. كذلك برع النجم أميتاب باتشان في أكثر من دور، منها دور المحامي غوبتا في فيلم "بدلا،" ودوره في فيلم "بَنك "حين قدّم واحدًا من أقوى مشاهد المرافعات دفاعًا عن ثلاث فتيات تعرّضن للتحرّش، حتى إنّ المجتمع تبنّى جملته الشهيرة: القبول هو كل شيء".. كما أبدع شاتروغان سينها في فيلم "الصداقة "مجسّدًا شخصية المحامي رافي كابور، وأيضا تقمص الفنان أكشاي كومار أدورا متعددة للمحاماة في أفلام مثل " جولي " والمحامي شانكران ناير في فيلم " كساري " بينما تعرّض آخرون لانتقادات واسعة بسبب ما اعتُبر إساءة لصورة المهنة، مثل عادل إمام في "الأفوكاتو"، ومحمد سعد في اللمبي 8 جيجا، وغيرهم. هذه النماذج مجتمعة تكشف أن حضور المحامي في السينما ليس مجرد حضور لشخصية مهنية، بل هو حضور لقيم وأفكار وصراعات… حضور يفتح بابًا واسعًا للدراما، ويمنح المخرج مساحة لاستنطاق معنى العدالة من جديد. ولعل ما يجعل شخصية المحامي بهذا الثراء الدرامي هو أنها تقف دائمًا على الحافة بين الواقع والمتخيّل؛ فهي شخصية يمكن أن تكون مرآة للمجتمع حينًا، وصوتًا للحقيقة حينًا آخر، أو نموذجًا للانكسار الإنساني حين تتعقّد القضايا وتتداخل المصالح. ولهذا السبب بالذات، ظلّ المخرجون يعودون إليها جيلاً بعد جيل، ويمنحونها أشكالًا متعددة من التناول.   من أهم المخرجين في السينما الهندية الذين يولون اهتماماً كبيراً للشخصية التي ستؤدي دور المحامي هو مانموهان ديساي، إذ يقول في هذا السياق: على هذا الممثل أن يبذل أقصى جهد لكي يتمكن من خلق المشهد.. أريده أن يحفظ بنسبة تتراوح بين 50 إلى 60 في المائة، والباقي أريده ارتجالاً، وغوصاً في الدور بشكل مؤثر، واستيعاباً، وتأثراً، واستجابة. أما مواطنه المخرج الأسطورة ياش تشوبرا فقد أكد أن المشهد، مهما كان مكتوباً بطريقة جيدة، يظل رهين استيعاب الممثل ودقته ومعدل إيقاعه؛ فشخصية المحامي لها إيقاع خاص في الحياة الفعلية، وينبغي أن يظهر كذلك في السينما. الممثل شاتروغان سينها ذكر عن تجربته في فيلم الصداقة أن دور المحامي دفعه للتدرب طويلاً، خصوصاً على طريقة المرافعة الصحيحة. الناقدة الأمريكية الشهيرة بولين كايل، الأكثر تأثيراً وتشديداً بين النقاد، وصفت دور المحامي بأنه من الأدوار التي تتطلب ذهناً واعياً في كل مشهد، وعلى الممثل أن يكون ملماً بقاموس ومفردات المهنة وكأنه محامٍ حقيقي. أما الكاتب المصري الراحل الكبير أسامة أنور عكاشة، المعروف بنصوصه التي ترصد الواقع اجتماعياً وسياسياً وتفيض بالهموم الإنسانية، فقد قدّم في مسلسله الخالد ليالي الحلمية شخصية المحامي شفيق الملواني، وكتب مشاهدها بحيث تتضح تماماً أحاسيس الشخصية ونواياها مع إيقاع الحوار، مانحاً شخصية المحامي بُعداً جديداً أكثر أهمية. وهكذا… فإن تقمّص دور المحامي في السينما وحتى في الدراما التلفزيونية يمنح الممثل فرصةً للتآلف مع ما هو غير تقليدي، والخروج من إطار الروتين العادي.

Articles similaires

Sorry! Image not available at this time

دراما العدالة: قراءة في تجسيد المحامي سينمائيا

albiladpress.com - 18/Nov 19:52

من بين المهن التي وجدت طريقها مبكرًا إلى الشاشة الكبيرة، تظل مهنة المحاماة من أكثر...

Sorry! Image not available at this time

دولف لوندغرين.. حضور باهت في فيلم ضعيف

albiladpress.com - 19/Nov 17:48

النقد نوع من الشعر؛ شعرٌ من الكراهية لما هو قبيح أو غير صحيح، ومن الحب لما هو جميل...

Sorry! Image not available at this time

دولف لوندغرين.. حضور باهت في فيلم ضعيف

albiladpress.com - 19/Nov 17:48

النقد نوع من الشعر؛ شعرٌ من الكراهية لما هو قبيح أو غير صحيح، ومن الحب لما هو جميل...

Sorry! Image not available at this time

آدم بكري في مهرجان القاهرة السينمائي: "الحياة بلا حلم أكثر صعوبة"

albiladpress.com - 18/Nov 15:05

شهدت فعاليات الدورة السادسة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ندوة...

Sorry! Image not available at this time

"بنات الباشا" يُبهر الحضور في مهرجان القاهرة السينمائي

albiladpress.com - 19/Nov 17:20

في ليلة سينمائية حاشدة، احتفل صنّاع فيلم "بنات الباشا" بمشاركته المرتقبة ضمن...

Sorry! Image not available at this time

"بنات الباشا" يُبهر الحضور في مهرجان القاهرة السينمائي

albiladpress.com - 19/Nov 17:20

في ليلة سينمائية حاشدة، احتفل صنّاع فيلم "بنات الباشا" بمشاركته المرتقبة ضمن...

Sorry! Image not available at this time

مهرجان القاهرة السينمائي يكرم أساطير مصر والعالم في دورته الـ 46

albiladpress.com - 12/Nov 16:28

تتجه بعد دقائق أنظار عشاق الفن السابع حول العالم إلى العاصمة المصرية، حيث ينطلق...

Sorry! Image not available at this time

مهرجان القاهرة السينمائي يكرم أساطير مصر والعالم في دورته الـ 46

albiladpress.com - 12/Nov 16:28

تتجه بعد دقائق أنظار عشاق الفن السابع حول العالم إلى العاصمة المصرية، حيث ينطلق...

Sorry! Image not available at this time

المخرج الأهوازي حبيب باوي ساجد لـ"البلاد"..الإنسان قبل الكاميرا..هكذا تصنع السينما

albiladpress.com - 20/Nov 17:23

حين نتحدث عن الإبداع السينمائي الذي يتجاوز الجغرافيا والحدود، يبرز اسم حبيب باوي...

Sorry! Image not available at this time

جورج كلوني يعترف باستخدام هذه "الحيلة" لإخفاء الشيب

albiladpress.com - 15/Nov 11:52

يؤدي نجم هوليوود جورج كلوني في فيلمه الجديد "جاي كيلي" دور ممثل متقدم في السن...