Maroc - FATAH.PS - Ala Une - 09/Sep 03:51

"صوت هند رجب" .. أمانة

   موفق مطر "تعال خديني.. أمانة ابعتوا حدا ياخدني.. أنا كتير خايفة .. رن على حدا يجي ياخدني أمانة .. الدبابة جنبنا .. الدبابة اجت .. بطخوا علينا" ثم صوت رصاص كثيف .. حتى انقطع صوت الطفلة الفلسطينية هند رجب الى الأبد.. ولكن. إنها أقصر قصة حقيقية، احداثها ووقائعها استمرت 12 يوما، حولها ضمير المخرجة التونسية كوثر بن هنية، الى رسالة فيلمية، ستعتبر الأكثر تأثيرا في تاريخ سينما العالم الانسانية، إذ يكفي مشاركة نجوم كبار في سينما هوليوود بانتاجه الى جانب كونه انتاجا تونسيا فرنسيا مشتركا، وعلى رأس النجوم، براد بيت، وخواكين فينيكس، وروني مارا، والمخرجان ألفونسو كوارون، وجوناثان جليزر. أما التصفيق المسجل كسابقة في تاريخ المهرجانات العالمية، فقد ناله هذا الفيلم "The voice of Hind Rajab " وترجمته " صوت هند رجب" حيث ظل كبار الفنانين في العالم يصفقون وقوفا لمدة 24 دقيقة بينما كان علم فلسطين يرفرف على منصة التتويج بجائزة "الأسد الفضي" ثاني ارفع جائزة في مهرجان (فينيسيا) السينمائي في ايطاليا الدورة 82، الذي يعد من أهم المهرجانات السينمائية بعد مهرجان (كان) في فرنسا حيث سيتم ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار العالمية. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد كتبت المخرجة العربية التونسية المفعمة بالثقافة الانسانية: "أهدي هذه الجائزة للهلال الأحمر الفلسطيني ولكل من خاطر بكل شيء لإنقاذ الأرواح في غزة إنهم أبطال حقيقيون". كلمات هند التلقائية، وصوت طفلة في ربيعها السادس، وهي على بعد خطوات من آلة الحرب الهمجية، وتعبيرها الطبيعي عن الخوف وسط جثامين أقربائها في السيارة التي وجدت عليها آثار 355 طلقة، وإقدام المسعفين في جمعية الهلال الأحمر يوسف زينو وأحمد المدهون، بشجاعة عقلانية، والانطلاق لإنقاذ الطفلة بعد جهود تنسيق شاقة، منح البطولة معاني انسانية جوهرها الحياة، وصور العمل بإخلاص لإنقاذ الحياة، من طغيان صور سفك الدماء البريئة، التي خيل للمقدم قائد اللواء المدرع 401 في جيش الاحتلال الاسرائيلي "بني أهارون" أنه سينال عليها وساما من قيادتيه العسكرية والسياسية، بعد تطبيق خطة "الابادة" بحذافيرها ونفذها - تحت قيادته- جنود كتيبة مدرعات ! وربما سنتعرف على مشاعره الحقيقية عندما يقف في قفص الجنائية الدولية متهما بجريمة حرب (قتل أبرياء) استنادا إلى تحقيق اجرته مؤسسة هند رجب الحقوقية (تأسست العام الماضي في بروكسل) حيث تحدد قائد العملية المسؤول عن قتل الطفلة هند وأقاربها الخمسة والمسعفين، في منطقة تل الهوى في مدينة غزة، بقيت فلسطين وضمائر الانسانية منشغلة لمعرفة مصير هند وأقاربها من 29 يناير الى 12 فبراير 2024 حتى عثر على الجميع بعد انقطاع الاتصال مع طاقم الهلال خلال تلك الأيام. وهناك وجه آخر من البطولة الانسانية ذات الطابع الثقافي نراها في قدرة المخرجة وطاقم العمل معها الذين استطاعوا بهذه الرسالة الفنية بلوغ وجدان الحاضرين معظمهم نجوم هوليود الكبار التي ما انفكت الصهيونية على استيطانها لتحويل هذا الصرح السينمائي الى مركز دعاية وحشد تأييد عاطفي وعقلاني ايضا لمنظومة الصهيونية الدينية، لكن صوت الطفلة الفلسطينية هند رجب كان صرخة مدوية من صغيرة اسقطت ادعاءات كبيرة اطلقت من أفواه ناطقة باسم الباطل. وما كان ذلك ليتحقق إلا بالمعرفة والثقافة التي تؤهل مبدعينا لابلاغ رسالتهم بأحسن صور الانسانية الناضحة بالحقيقة والعقلانية الوجدانية، كما فعلت المخرجة التونسية كوثر بن هنية وطاقم الفيلم: سجى الكيلاني، ومعتز ملحيس، وكلارا خوري، وعامر حليحل، ووضع الموسيقى التصويرية المؤلف الموسيقي التونسي أمين بوحافة. سأقتبس من كلمة المخرجة التونسية كوثر، ففي قولها روح الخطاب الانساني: "إنها قصة مأساوية لشعب بأكمله يعاني من الإبادة الجماعية، التي يرتكبها نظام إسرائيلي مجرم يتصرف دون عقاب.. صوت هند هو صوت غزة نفسها، صرخة لإنقاذ العالم بأكمله يمكن أن يسمعها، حتى تصبح المساءلة حقيقية وتحقق العدالة.. لا يمكن للسينما أن تعيد هند، ولا يمكن أن تمحو الفظائع التي ارتكبت ضدها، لكن يمكن للسينما أن تحافظ على صوتها، وتجعله يتردد عبر الحدود.. فهناك الكثير من الأطفال لا يزالون ينتظرون الأمل.. أتمنى أن يساعد هذا الفيلم في إيقاف الحرب، كفاية كفاية.