Maroc - AKHBARDAKHLA.COM - A La Une - 21/Oct 15:45

البيروقراطية تنخر جسد القضاء بالمحكمة الابتدائية بالداخلة

تعيش المحكمة الابتدائية بالداخلة على وقع مفارقة صارخة بين ما يُعلن من شعارات حول تقريب الإدارة من المواطن وما يُمارَس فعليًا داخل بعض أروقتها، خاصة حين يتعلق الأمر بمؤسسة النيابة العامة، التي يُفترض أن تكون الملاذ الأول للمتقاضين، والواجهة التي تترجم قيم العدالة والإنصاف على أرض الواقع. ففي مشهد يثير الاستغراب والاستياء، بات المواطنون الذين يقصدون مكتب نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالداخلة يجدون أنفسهم وجهاً لوجه أمام عنصر من القوات المساعدة وشرطي، يُكلفان باستقبالهم أو إرجاعهم، بدل أن يلتقوا بالمسؤول القضائي المفترض أن يستمع إليهم ويبتّ في تظلماتهم. وفي كثير من الحالات، يُبلَّغ المواطنون بأن نائب وكيل الملك غير موجود، أو أنه “في اجتماع” أو “مشغول”، فيضطرون إلى الانصراف دون قضاء أغراضهم، أو يُطلب منهم العودة في وقت لاحق قد لا يحدده أحد. هذه العبارة، التي تتكرر على مسامع المرتفقين، أصبحت في نظر كثيرين شعارًا بيروقراطيًا جديدًا يُخفي خللاً في التواصل وغيابًا حقيقيًا لمبدأ المرفق العمومي في أبعاده الإنسانية. هذه الممارسات، التي تحوّل الإدارة القضائية إلى فضاء مغلق تتخلله الحواجز البشرية والإدارية، لا يمكن إلا أن تُعمّق فجوة الثقة بين المواطن والمؤسسة القضائية، وتُعزز منسوب الإحباط من مفهوم “العدالة القريبة”. فبدل أن يجد المواطن باب النيابة العامة مفتوحًا كما ينصّ عليه القانون والدستور، يجد أمامه “بوابة أمنية” تحكمها أوامر وتعليمات غامضة، لا يُعرف إن كانت تنظيمية أم مجرد اجتهادات شخصية تُخفي خللاً في التنظيم أو ضعفًا في التواصل. إن تكليف عناصر غير قضائية باستقبال المواطنين يفرغ العدالة من بعدها الإنساني، ويُكرّس ثقافة الوساطة الأمنية داخل فضاء العدالة، وكأن المحكمة أصبحت منطقة عسكرية أكثر منها مؤسسة لخدمة المواطن وصون كرامته. هذا المشهد يُعيد إلى الأذهان...