Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 04/Sep 22:32

حداد لـ “البلاد”: ملحنون ساهموا في تشويه اللهجة المحلية في الأغنية البحرينية

ليس بالأمر اليسير التحدث عن الفنان محمد حداد، فهو من القلة الذين يؤمنون بأن الفن يجب أن يحوي أفكارا، وذلك لكي يكون فنا إنسانيا، ومثلما قمم الجبال لا يمكن أن تتلاقى، كذلك حداد صاحب الطابع الخاص والأسلوب المميز الذي لا يشترك فيه مع غيره. “البلاد” التقت بالمبدع حداد في هذا اللقاء: حدثنا عن اختيارك في لجنة تحكيم مهرجان ظفار السينمائي؟  لقد تشرفت بهذا الترشيح كي أشارك في لجنة تحكيم الأفلام الروائية القصيرة في المهرجان، حيث وردني اتصال من رئيس الجمعية العمانية للسينما المخرج والمبدع محمد العجمي، الذي اخبرني بهذا الترشيح، كذلك تم الاتفاق على تقديم ورشة متخصصة (ماستر كلاس) في التأليف الموسيقي والعلاقة بين الموسيقي والمخرج السينمائي. وهذا يمنحني ثقة وشرفاً أن أكون جزءا من هذه التظاهرة.  الموسيقى بالنسبة للصورة السينمائية هي كالإطار بالنسبة للوحة.. ما أهم مسؤوليات مؤلف موسيقى الأفلام؟ المؤلف الموسيقي هو أحد ساردي الحكاية في الفيلم، حيث يستخدم أدواته الخاصة في سرد القصة بالنغمات والانفعالات الصوتية، فهو يقرأ النص أولاً ليرسم الحالة العامة للفيلم ويتعرف على الشخصيات واحداً واحداً كي يضع الهوية الصوتية لكل شخصية في الفيلم، وطبعاً بالحوار مع المخرج يتم الاتفاق على الشكل العام للخامات الصوتية، والآلات المستخدمة طوال الفيلم.  في الأفلام الروائية يكون لتوظيف الموسيقى مهام واسعة ومختلفة وذلك حسب رؤيا المؤلف والمخرج. حدثنا عن تجربتك مع المخرجين الذين اشتغلت معهم؟   في تجربتي في البحرين كان اشتغالي مع نخبة من أجمل المخرجين الذين لحسن الحظ أنهم يتذوقون الموسيقى بشكل كبير، وهذا في اعتقادي يجعل العمل معهم اكثر سحراً، لأن الحوار يكون ثرياً بمعرفة الطرفين لتفاصيل النغمة، وهذا ينعكس بشكل إيجابي على موسيقى الفيلم. كما اشتغلت مع بعض المخرجين خارج البحرين مثل المخرجة الإيرانية شامين يزداني في فيلم “قصيدة للخريف” تحت إشراف المخرج الراحل عباس كيروستامي، وكان الفيلم صامتاً ومعتمداً فقط على المؤثرات الصوتية والموسيقى، أيضاً عملت مع المخرج العراقي عماد علي عباس في فيلم “شكوى” والذي كتب السيناريو له مبدعنا الكبير الراحل فريد رمضان والذي يتناول مواضيع مرتبطة الموت وتأويلات العلاقات حوله من وجهة نظر طفل يبيع الشموع في المقبرة، في هذه التجربة وضعت تأويلاتي الخاصة بهذا الموضوع واستخدمت الموروث الشخصي في موسيقى هذا الفيلم.  أعرف أنك معجب جداً بالمخرج السويدي الفذ انغمار بيرغمان.. المدرسة السينمائية الكاملة والذي وضعه بعض النقاد على منصة الشرف وكأنه ملاك تحيط به الغيوم... ما السبب؟  بيرغمان بالنسبة لي تجربة متفردة، أولاً من ناحية المواضيع الجريئة والجدلية الذي يتناولها، وثانياً طريقة سرده الغير تقليدية لهذه الأفكار.. ومن جهة أخرى بناء الطاقم الذي يعمل معه، تظهر فيه ملامح الطاقم المسرحي (بما أنه يكتب للمسرح أيضا) فترى مثلاً البطل الرئيسي في فيلم “الختم السابع “يظهر في دور ثانوي قصير في مشهد واحد فقط  وفيلم “ الفراولة البرية”، وهذا يخبرك بأن كل شخصيات بيرغمان تحتاج إلى ممثل قادر على أداء فيلم كامل ، حتى لو كان سيقوم بمشهد واحد فقط. تجربة هذا المخرج حقاً مميزة، وبالمناسبة احتفاء أستاذي وأبي الروحي السيناريست أمين صالح بهذا المخرج في مايو الماضي بإصدار كتاب “انغمار بيرغمان .. المفرد والمتعدد”، في هذا الكتاب يدخل إلى عالمه بأسلوب أكثر دقة، ووصف ينم على براعة الإثنين معاً في قراءة المشهد السينمائي.  بصراحة.. لماذا تستفحل أزمة النقد الموسيقى عن أزمة النقد في أي فن آخر؟ طبعاً انت تقصد في العالم العربي فقط، لأنني مازلت أقرأ في الموسيقى العالمية مقالات وكتب وتحليلات نقدية صوتية ومرئية عن كل حقول الموسيقى تقريباً دون استثناء، وبشكل محترف ودقيق، لكن مع أن التحليلات النقدية الموسيقية التي ظهرت عربياً في العشر سنوات الماضية تعكس اهتماماً اكبر بموضوعية هذا الفن والنظر له بأنه علم أكثر منه ترفيه، لكنها من ناحية تقتصر على أنواع محدودة من حقول الموسيقى، (وطبعاً الغناء دائماً له نصيب الأسد من هذه التحليلات وليست الموسيقى)، ومن جهة أخرى أن أغلبها يكون على هيئة فيديوهات مقتضبة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وقليلاً ما نجد إصدارات وكتب متخصصة في النقد الموسيقي عربياً، مما يجعل عملنا هشاً وغير قابل للتطور دون مقياس النقد، ومع “وهم” عدد المشاهدات والتغريدات التي تمنح المبدع ثقة مزيفة بما ينتج من أعمال كلما زادت أو نقصت.   أعيد ما قاله والدنا محمد الماجد رحمه الله .. إن الأغنية البحرينية بين الميوعة والتفاهة.. ما تعليقك؟  تخيل أن مبدعنا الماجد الكبير رحمه الله قال هذه الجملة قبل كم سنة؟ فما كان يسمعه حينها لم يكن يرقى لما يطمح إليه فنياً.. مع أن حينها كانت التجربة الغنائية البحرينية في توازن أكثر مما هي عليه حالياً، وأقول توازن هنا كي أتفادى أن أقول ازدهار، فتجربة الأغنية منذ الستينات إلى الثمانينات، ازدهرت كثيراً مع تطور تقنيات التسجيل الموسيقي، وتطور طريقة تلحين النص الفصيح عند الملحنين البحرينيين، وهذا كله انعكس على الأغنية. لكن ألاحظ في هذه الفترة وربما أكون مخطئاً أن الملحنين يتعاملون مع النص في الأغنية بشكل غير مكترث أحياناً، وهذا ساهم في تشويه حتى اللهجة المحلية في الأغنية في البحرين، وأصبحت بمثابة كوكتيل من اللهجات الخليجية، ولا أعرف إذا كان هذا في صالح الأغنية أو لا، لكن في نفس الوقت هناك تجارب جادة وواضح همها الفني في مشروعها الغنائي بدءاً باختيار النص بعناية، والمحاولات الجريئة في تلحينه وتنفيذه مما يمنح التجربة نضوجاً وتفرداً، ومع أنها قليلة هذه التجارب لكنها ستكون مؤثرة في التجارب الغنائية للجيل القادم.