Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 13/Nov 22:42

هيئة البحرين للثقافة والآثار تستعيد ذاكرة الفن الخليجي في الرياض

  تقرير وحوار :شيرين فريد في مشهدٍ فنيٍّ يعكس عمق العلاقات الثقافية التي تربط مملكة البحرين بدول الخليج العربي، شاركت هيئة البحرين للثقافة والآثار في معرض «الفن عبر الخليج العربي» المُقام في صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون بالرياض، بتنظيم من معهد مسك للفنون، وذلك بمجموعة من أبرز مقتنيات متحف البحرين الوطني التي تمثل ملامح من تطور الحركة التشكيلية البحرينية والخليجية عبر العقود. وقد جاء هذا الحضور المشرّف ثمرة جهدٍ متكامل لفريق العمل البحريني بقيادة الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار، وباشراف من الأستاذة فرح محمد مطر، مدير عام الثقافة والفنون، وبتنفيذ ومتابعة دقيقة وواعية من رئيسة الفنون بالهيئة صفا الكعبي وفريق متخصص في الإشراف على المقتنيات الفنية. هذا الفريق الذي بذل جهدًا استثنائيًا في إعداد الأعمال وتوثيقها وضمان جاهزيتها للنقل والعرض، بما يعكس المهنية العالية والدقة التي تُعرف بها الهيئة في مشاركاتها الدولية. لقد جسّد الفريق بروحه التعاونية التزام مملكة البحرين الدائم بتقديم صورتها الثقافية الرفيعة وحماية تراثها الفني الغني أمام العالم. يقدّم المعرض أكثر من 150 عملاً فنيًّا لأكثر من 70 فنانًا من الروّاد في مملكة البحرين ، ودولة الكويت، ودولة قطر، وسلطنة عُمان، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، مستعرضًا مرحلة تأسيسية في تاريخ الفن الحديث بالمنطقة تمتد من خمسينيات القرن العشرين حتى تسعينياته. يُبرز المعرض ممارسات فنية أسهمت في صياغة الهويات البصرية الوطنية وفتح حوارات ثقافية عابرة للحدود. أما مشاركة مملكة البحرين، فجاءت من خلال قسمين، القسم الأول يتكون من سبع لوحات لستة من كبار الفنانين البحرينيين: عبدالله المحرقي (1978)، عبد الكريم العريّض (1978)، الدكتور أحمد باقر (1995) بلوحتين مميزتين، يوسف قاسم (1973)، عبدالكريم البوسطة (1974)، حسين السني (1980)، ناصر اليوسف( 1979)، عباس المحروس (1968)، راشد العريفي (1970). والقسم الثاني  ضَم  لوحتين للفنان البحريني القدير عدنان الأحمد من فترة التسعينيات (1994)، وقد حضر الفنان بنفسه مُتحدثاً عن أعماله قائلاً " "لقد كانت بداياتي الفنية رحلة طويلة من البحث عن هويتي كفنان بحريني، رحلة بدأت مباشرة بعد تخرجي من الجامعة، حيث كنت أحمل شغفاً عميقاً للتعبير عن تجربتي الشخصية وهويتي الثقافية. في عام 1994، قمت برسم هذين العملين اللذين كانا ثمرة تلك المرحلة من البحث والتجريب، محاولاً أن أجد صوتي الفني الخاص، وأن أترجم من خلال اللوحة ما يختلج في داخلي من إحساس بالانتماء والهوية الفنية الخاصة. وأضاف الفنان "لم يكن الطريق سهلاً، فقد كان المجتمع حينها لا يزال يخطو خطواته الأولى نحو تقبل الفن المعاصر والتجريبي، وكانت فكرة الفن كوسيلة للتعبير عن الذات واكتشاف الهوية شيء جديد بالنسبة للبعض. ومع ذلك، ظللت أؤمن بأن الفن الحقيقي هو الذي يواجه التحديات ويتجاوز الحواجز، وأن قبول المجتمع للفن يحتاج إلى وقت وصبر وتجربة مستمرة. واليوم، بعد أكثر من ثلاثين عاماً على رسم هذين العملين، تأتي الفرصة لاختيارهما والمشاركة بهما في معرض الفن عبر الخليج العربي 2025، ليحمل كل منهما قصة الماضي، ويؤكد على استمرارية رحلة الفنان في البحث عن هويته، وعلى قدرة الفن على التواصل عبر الزمن، وإلهام الأجيال الجديدة، وتثبيت الهوية الفنية في ذاكرة المجتمع الفني الخليجي."  كما شارك الفنان الشيخ راشد آل خليفة بعملين من مقتنيات مؤسسة راشد للفنون ، العمل الأول من عام ( 1967 ) والعمل الثاني (1979 )  ، ومن وجهة نظري كموثقة فنية ، أري أن أعمال الشيخ راشد آل خليفة التي شارك بها في معرض الفن عبر الخليج العربي تعكس موهبة استثنائية وبدايات فنية واعدة لم يتجاوز حينها الخامسة عشرة من عمره. هذه الأعمال ليست مجرد محاولات أولية، بل هي شهادة على حس فني متقد، ووعي مبكر بالخطوط والتكوينات والألوان، وقدرته على التعبير عن نفسه من خلال الرسم منذ نعومة أظافره. إن رؤية هذه اللوحات اليوم، بعد أن أصبح الفنان شخصية معروفة في المشهد الفني، تمنحنا فرصة لفهم الجذور الحقيقية لموهبته، وتكشف عن مدى اهتمامه بالفن منذ مرحلة مبكرة، وعن الإصرار على تطوير ذاته والتعبير عن رؤيته الخاصة. المشاركة في هذا المعرض ليست مجرد عرض للوحات، بل هي احتفاء ببدايات موهبة كبيرة، وفرصة للجمهور للتأمل في رحلة الفنان منذ أول خطواته الفنية.  كما حضرت الفنانة التشكيلية بلقيس فخرو وقدمت عملين فنيين حازا علي إعجاب الجمهور، استُعيرت هذه الأعمال من مقتنيات المتحف الوطني للعرض ضمن فترة المعرض الممتدة لستة أشهر. هذه الأعمال تمثل حقبًا فنية من السبعينيات حتى التسعينيات، وتُعدّ من الكنوز الفنية التي لا تُقدّر بثمن نظرًا لقيمتها التاريخية والجمالية وندرتها، وتحدثت الفنانة عن مشاركة أعمالها قائلة  "إن مشاركتي بأعمالي في هذه الحقبة في معرض الفن عبر الخليج العربي تمثل بالنسبة لي رحلة عميقة إلى بدايات تجربتي الفنية، فهي تحمل جزءاً من ذاكرتي وتاريخ حياتي الإبداعي. كل لوحة وكل عمل قدمته في سنوات سابقة كان يعكس وقته، أفكاري، ومشاعري، وما كنت أسعى للتعبير عنه في تلك المرحلة من حياتي الفنية. واستكملت قائلة "إن إعادة عرض هذه الأعمال اليوم ليست مجرد استرجاع للماضي، بل هي فرصة لإعادة التواصل مع الجمهور ومع المجتمع الفني الخليجي، وإظهار تطور مسيرتي الفنية عبر الزمن. كما أنها فرصة لتأكيد أن الهوية الفنية للفنان تتشكل تدريجياً عبر مراحل متعددة، وأن كل تجربة وكل عمل يترك أثراً يظل جزءاً من المسار الفني الكامل. المشاركة بهذه الأعمال تمنحها حياة جديدة، وتسمح للآخرين بأن يكتشفوا جزءاً من مسار رحلتي الإبداعية الذي شكل شخصيتي وهويتي كفنانة." الكعبي: المشاركات الخارجية تعزّز الحضور البحريني أوضحت صفا الكعبي، رئيس الفنون بهيئة البحرين للثقافة والآثار، أن المشاركات الخارجية تمثل جانبًا جوهريًا في إثراء الحركة التشكيلية البحرينية وتعزيز حضورها الإقليمي والدولي، مشيرةً إلى أن مقتنيات المتحف الوطني واسعة ومتنوعة، إلا أن اختيار الأعمال يتم وفق معايير دقيقة تضمن تمثيل الهوية الفنية البحرينية بأفضل صورة ممكنة. وأضافت الكعبي :"الفن لا لغة له، فهو قادر على إيصال رسالته إلى أي مكان في العالم دون الحاجة إلى ترجمة، ووجود مثل هذه المعارض دليل على أن الفن الخليجي يملك صوته الخاص ولغته التي يفهمها الجميع"