X

Vous n'êtes pas connecté

Maroc Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 30/Sep 19:29

مريم جعفر تفك شفرات المرض وتنتصر

أتقنت فلسفة الجسد والاستماع إلى صوتي الداخلي محاربات سرطان الثدي هن مستودع هائل من الصبر والأمل، قصصهن لا تنبض إلا بالإصرار والتسليم والتقبل. تجاربهن مختلفة عن أي تجارب أخرى؛ لأنها تمس الجانب الأعمق في كيان المرأة، ذلك الجانب المرتبط بأنوثتها، وهو أثمن ما تملكه، وعنوان هويتها ورمزها كونها أنثى. مريم جعفر واحدة من هؤلاء النسوة اللواتي واجهن سرطان الثدي بشجاعة وخضن اختبار الحياة بجدارة. فالهزة العنـيفة التي اجتاحتها عند التشخيص تحولت مع الوقت إلى عنفوان وأمل وصمود وصبر، وحياة جديدة تولد من رحم الألم. أتقنت مريم فلسفة الجسد والاستماع إلى صوته الداخلي، فهزمت شعور الخوف والقلق وحولته إلى قوة وتمكين واطمئنان. وتذوقت الحياة بمفهومها الجديد، فأصبحت تستثمر كل لحظة صحة وعافية، وتعيد ترتيب أولوياتها، وترسم صورها بألوان زاهية لا رمادية قاتمة كما كانت من قبل. لم تر ندوبها نقصا، بل علامات قوة ودليلا وبرهانا على معركة خاضتها وانتصرت فيها. واعتبرت أن وجودها على قيد الحياة بحد ذاته أعظم انتصار. اللحظات المهدورة التي كانت تدهسها عجلة الزمن السريعة وتمضي من دون أن تنتظرها، أصبحت اليوم تنتشل دقائقها وثوانـيها من بين دواليب الزمن، لتوظفها في تنفس الحياة، وتذوق كل لحظة والاستمتاع بها.  حروف السرطان التي اجتاحت مسامعها وأغرقت شعورها بالضجيج المعبأ بالرعب وفقدان المستقبل، وكادت أن تنهار، هي ذاتها من لملمت شتاتها وأبرزت قوتها المخفية، وصنعت منها امرأة لا تهزم، تتشبث بالأمل حتى آخر لحظة، ولا تسمح لذاتها أن تنهار أو تستنزف دموعها في مراسم الحزن والانهزام. دموعها صارت دموع نصر في مواجهة أعتى أمراض العصر. مفتخرة بذاتها، أصبحت مريم ملهمة لابنتها المحاربة الجديدة مع سرطان الثدي، تلقنها دروسا من تجربتها، وترسم لها خارطة طريق لهزيمته. كانت لها ملاذا وقنديلا يضيء دربها بالنور، يخنق العتمة التي تحاول عبثا تضليلها وإيهامها بأن السرطان موت قادم، ففكت لها شفرات المرض ليسهل هزيمته. هزمتها كلمة “سرطان” حين سمعت كلمة “سرطان الثدي” تتدحرج من شفتي الطبيب كأنها أنصال قادمة وجيش من الألم،، شعرت كأن الأرض تهتز من تحتها، وكان الموقف أكبر من أي توقع. كان خليطا من الخوف والصدمة وعدم التصديق. ربما كانت تتصور أنها لو سمعت خبرا مثل هذا لانهارت، لكن الغريب أنها وقتها تماسكت أكثر مما تخيلت، وكأن بداخلها قوة لم تكن تعرف بوجودها. التشبث بالأمل تلقت الخبر بصعوبة شديدة، وكأن العالم توقف للحظة. وأول هاجس تسرب إلى وجدانها كان عائلتها وأولادها: كيف سيكون مستقبلهم؟ ومن سيعتنـي بهم إن ضعفت أو غابت؟ دفعها هذا التفكير إلى التشبث بالأمل، وقررت أن تقاوم هذا المرض. صوت الجسد كان هناك شعور غريب في داخلها، وكأن جسدها يحاول أن يرسل لها رسائل غير طبيعية. لم تكن تعرف بالضبط ما تعنـيه، لكن ذلك الإحساس دفعها إلى التفكير في الفحص المبكر. ومن خلال هذه التجربة تعلمت درسا مهما، وهو أن الاستماع إلى جسدك والانتباه لإشاراته أمر بالغ الأهمية. التشخيص غير كل شيء التشخيص غير كل شيء؛ فجسدها لم يعد مجرد مظهر، بل أصبح بيت أمان يجب أن تعتنـي به. والوقت غدا أغلى ما تملك، فلم يعد هناك مجال للتسويف. أما الحياة، فقد صارت بالنسبة لها هدية ثمينة تتعامل معها بالامتنان والاهتمام. الشعر رمز الأنوثة أصعب لحظة مرت بها في رحلة العلاج كانت حين بدأت تفقد شعرها بسبب العلاج. قد يبدو الأمر للبعض مجرد مسألة مظهر، لكن بالنسبة لها كان الشعر رمز أنوثتها. كسرتها تلك اللحظة، لكنها في الوقت نفسه منحتها قوة، إذ جعلتها تواجه نفسها الحقيقية بعيدا عن أي مظهر خارجي. دائرة صغيرة من الأشخاص الداعمين لا أحد يفهمها أو يدرك حقيقة معاناتها؛ فأحيانا يكون هناك أشخاص من حولها يعتقدون أن الأمر مجرد مرض عادي، أو يطلبون منها أن تكون قوية طوال الوقت، من دون أن يفهموا حجم الألم النفسي الذي تمر به. فتعلمت ألا تشرح للجميع، بل تكتفي بمشاركة مشاعرها مع من يقدرها، وتضع نفسها ضمن دائرة صغيرة من الأشخاص الداعمين والصادقين. تغيرت علاقاتها لقد غير السرطان علاقاتها؛ فهناك أشخاص ابتعدوا، ربما خوفا أو شعورا بالعجز، لكن في المقابل ظهر آخرون لم تكن تتوقعهم ووقفوا معها بكل حب ودعم. كما أصبحت عائلتها أقرب من أي وقت مضى، وازداد الرابط بينهم قوة ودفئا مقارنة بالماضي. الخوف تنبيه دائم تعافت، لكن الخوف من عودته يظل حاضرا دائما، مثل ظل يلاحقها أينما ذهبت. لكنه لم يعد يسيطر عليها كما كان في البداية، بل أصبح بالنسبة لها تنبيها دائما للعناية بنفسها وعدم إهمال الفحص الدوري. بدلا من أن تغرق في القلق، تعلمت أن تعيش كل يوم بوعي أكبر، تستمع فيه لجسدها، وتقدر كل لحظة صحة وعافية، ما منحها شعورا بالقوة والتمكين بالرغم من وجود الخوف. الحياة لا تقاس بطولها قبل تجربتها مع السرطان، كانت تعيش حياتها بسرعة، وكأنها تركض من يوم إلى آخر، فتمضي اللحظات سريعا من دون أن تتذوق الحياة أو تدرك قيمتها، ومن دون أن تقدر التفاصيل الصغيرة التي تجعلها جميلة. لكن السرطان علمها قيمة اللحظة، كيف تستمتع بكل تجربة، وتقدر كل نفس تعيشه. فأدركت أن الحياة لا تقاس بطولها، بل بعمقها، وباللحظات الحقيقية التي نغمر أنفسنا فيها، وبالصغائر التي قد تبدو للآخرين بلا معنى، لكنها تصنع فرقا كبيرا في قلوبنا وأرواحنا. شعرت فعلا أنها ولدت من جديد، لا جسديا فقط، بل نفسيا وروحيا أيضا. كانت ولادة تحمل وعيا أكبر، وحبا أعمق للحياة، وتقديرا لكل نفس تتنفسه، وكل لحظة تعيشها. الجمال في القوة والصبر غير السرطان والعلاج الكثير في جسدها، ودفعها ذلك إلى مواجهة صورتها من جديد. في البداية كان من الصعب تقبل هذه التغيرات، لكن مع الوقت أدركت أن الأنوثة ليست مرتبطة بالشكل فقط، بل بالروح، وبالثقة، وبالطريقة التي تنعكس بها قوتها على الآخرين. تصالحت مع التغيرات تدريجيا، فأصبحت ترى الجمال في القوة، وفي التجاعيد التي تحكي قصص الصبر، وفي الندوب التي تثبت أنها محاربة. وبالنسبة لها اليوم، الجمال هو أن تكون على طبيعتها، من دون تكلف، وبكل صدق مع نفسها. لم تعد تبحث عن الكمال، بل عن السلام الداخلي الذي يجعلها أجمل في عيون نفسها قبل عيون الآخرين. بيدك أن يكون نهاية أو بداية وبينت مريم أن أكبر خطأ هو الاعتقاد بأن السرطان حكم بالإعدام، بينما الحقيقة أن الاكتشاف المبكر والعلاج الصحيح يصنعان فرقا هائلا. فالسرطان ليس نهاية، بل قد يكون بداية جديدة مليئة بالوعي والقوة. وأنت وحدك من يملك القرار: أن يكون نهاية أو بداية. وقف الوصمة والخوف أولا وشددت مريم على أن المجتمع يحتاج قبل كل شيء إلى وقف الوصمة والخوف المرتبطين بكلمة سرطان. ويبدأ الدعم بالاستماع من دون أحكام، ونشر التوعية بشأن أهمية الفحص المبكر. كما يجب توفير مساحات آمنة للمتعافيات ليتمكن من مشاركة تجاربهن والشعور بأنهن جزء من قوة جماعية تدعم بعضها بعضا. الفحص المبكر قد ينقذ حياتك وقد جهت كلمة لكل امرأة فقالت: “افحصن مبكرا، وعشن حياتكن بالحب، ولا تخفن من كلمة سرطان؛ فهي لا تعنـي النهاية، بل البداية والقوة. السرطان يكشف لكن قوة لم تعرفنها في داخلكن. لا تستهينـي بنفسك وبصحتك أبدا. الفحص المبكر قد ينقذ حياتك وحياة من تحبين. لا تنتظري ظهور الأعراض، ولا تؤجلي الخطوة إلى الغد، بل خذي القرار اليوم بكل جدية وصدق. اعتنـي بنفسك، وكونـي واعية لجسدك، وإن شاء الله نعيش جميعا بعيدا عن هذه الأمراض، محاطين بالصحة والعافية”. مصدر إلهام كانت تجربتها مصدر إلهام للآخرين، وجرعات أمل تحيي النفوس المتعبة وتجبر الانكسار الداخلي. وكانت أيضا الدافع القوي لابنتها الكبيرة فاطمة، المحاربة الجديدة، التي شعرت وكأن الله أرسل لها رسالة عظيمة لتكون مصدر قوة وأمان لها مهما كانت الصعوبات. علمتها ألا تتنازل عن الاستمرارية في محاربة السرطان حتى النهاية، وأن تظل صامدة وقوية دائما. لم تكن وحيدة كانت أول جلسة علاج كيميائي مرحلة صعبة ما زالت عالقة في ذاكرتها ولا تنساها أبدا. شعرت بالخوف الشديد، لكن وجود زوجها بجانبها وأبنائها ساعدها على تجاوز تلك اللحظة، وأدركت أنها لم تكن وحدها في المعركة. المرض منحها قوة وصبرا أخذ المرض منها راحتها الجسدية وبعضا من مظهرها السابق، لكنه أضاف إليها قوة وصبرا ووعيا أكبر بنفسها وبالناس من حولها. علمها أن تميز بين ما يستحق الاهتمام وما لا يستحق، وأن تعيش حياتها بتركيز أكبر على الأمور الحقيقية والمهمة. لحظات ضعف مبررة في مسيرتها مع سرطان الثدي، عاشت لحظات عصيبة؛ فهناك أيام لم تكن تستطيع فيها حتى رفع رأسها من شدة التعب والإرهاق. في تلك اللحظات، كانت تسمح لنفسها بالبكاء والشعور بالضعف، لكنها سرعان ما كانت تستعيد قوتها بفضل دعاء المؤمنـين، وأولادها، وكلمة دعم صادقة. حياة هادئة حياتها بعد التعافي أصبحت مختلفة تماما؛ صارت أهدأ، أعمق، وأبسط. تعيش باهتمام في كل لحظة، وتعطي وقتها للأشياء التي تستحق. لا تقول إن الحياة أصبحت مثالية، لكنها غدت أثمن بكثير. ليس لديها مشروع محدد، لكنها تأمل أن تكون رحلتهن، المحاربات والمتعافيات، مصدر أمل ودافعا للآخرين. افحصن مبكرا، وعشن حياتكن بالحب، ولا تخفن من كلمة سرطان؛ فهي لا تعنـي النهاية، بل تعنـي بداية جديدة وقوة خفية يوقظها فيكن. السرطان يكشف لكن عن طاقة لم تتخيلن وجودها داخلكن. لا تستهينـي بنفسك ولا بصحتك أبدا. الفحص المبكر قد ينقذ حياتك وحياة من تحبين. لا تنتظري ظهور الأعراض، ولا تؤجلي الخطوة إلى الغد، بل خذي القرار اليوم بكل جدية وصدق. اعتنـي بنفسك، وكونـي واعية لجسدك، وإن شاء الله نعيش جميعا بعيدا عن هذه الأمراض، محاطين بالصحة والعافية. أما المجتمع، فيحتاج قبل كل شيء إلى التخلص من الوصمة والخوف المرتبطين بكلمة “سرطان”. يبدأ الدعم بالاستماع من دون أحكام، وبنشر التوعية عن أهمية الفحص المبكر، إضافة إلى توفير مساحات آمنة للمتعافيات؛ ليتمكن من مشاركة تجاربهن، والشعور بأنهن جزء من قوة جماعية تتكاتف وتدعم بعضها بعضا.    

Articles similaires

Sorry! Image not available at this time

ألطاف محمد: سرطان الثدي نداء للحياة لا حكم بالموت

albiladpress.com - 30/Sep 19:11

الندبات التي خلفها المرض وسام لقوتي لا عيب أخفيه سرطان الثدي أحد أشرس أنواع...

Sorry! Image not available at this time

فضيلة العلواني: دموعنا أمام السرطان قوة ونجاتنا منه بطولة

albiladpress.com - 30/Sep 19:25

التجربة لا تستوعبها الكلمات في معظم حالات سرطان الثدي التي وثقتها...

Sorry! Image not available at this time

غدير عبدالعزيز.. وجه مضيء لكل محاربات سرطان الثدي

albiladpress.com - 30/Sep 18:33

غدير عبدالعزيز حكواتية بارعة، تعيد قراءة قصص الأطفال، فتستنطق الحروف الجامدة،...

Sorry! Image not available at this time

زهرة أحمد: تجربة سرطان الثدي ليست نزهة عابرة

albiladpress.com - 30/Sep 19:27

  زهرة أحمد، مديرة قسم في أحد البنوك، امرأة تعشق الحياة، وكانت تعيشها طبيعية...

Sorry! Image not available at this time

نوف القطان.. ابتسامة شجاعة في وجه جبروت “الخبيث”

albiladpress.com - 30/Sep 19:33

ثقـوا بأنـكم أقــوى مما تتـصورون نوف القطان محاربة سرطان الثدي، والممرضة...

Sorry! Image not available at this time

إ.م: المرض لا يعني النهاية.. والكشف المبكر ينقذ الحياة

albiladpress.com - 30/Sep 19:12

إ.م ، ممرضة اعتادت مسامعها على سماع أنـين الألم في أروقة المستشفى، وكانت يداها...

Sorry! Image not available at this time

نورة عبدالله: السرطان أقرب مما نتوقع

albiladpress.com - 30/Sep 19:08

لم يخطر ببال نورة عبدالله يومًا، وهي تجلس في محاضرة للتوعية بسرطان الثدي، أنها...

Sorry! Image not available at this time

فضيلة المدني: الفحص المبكر أعظم قرار اتخذته في حياتي

albiladpress.com - 30/Sep 19:20

فضيلة المدنـي إحدى المتعافيات من سرطان الثدي. امرأة مكافحة وعصامية، تتقن مواجهة...

Sorry! Image not available at this time

فجر المنصوري: سقوط الشعر نعمة وأبسط الأعراض

albiladpress.com - 30/Sep 19:01

ابتسامتها لا تفارق شفتيها أبدا.. ابتسامة تجبرك على الابتسام وسط ركام الدنـيا وما...

Sorry! Image not available at this time

عبدالله الجميري.. الرجل الذي كسر وصمة سرطان الثدي

albiladpress.com - 30/Sep 19:20

اليقــين يمــنح المريــض الراحة والطمأنيـنة شهر أكتوبر الوردي هو الشهر...