X

Vous n'êtes pas connecté

Maroc Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 30/Sep 19:03

ابتسام بدر.. محاربة واجهت السرطان بابتسامة

في كل تجارب سرطان الثدي، هناك دموع وحزن وألم، لكن ابتسام بدر اختارت أن تواجه المرض بابتسامة، ابتسامة متمردة على أقداره التي لا ترحم، تفرض إرادة الحياة وسط حكايات الموت المتناثرة. كانت قوة شخصيتها أكبر من جبروت المرض؛ فلم تستسلم للخوف، بل حولت ألمها إلى مصدر إلهام لمن حولها. وحين بدأت تستعيد حياتها القديمة وتستعيد ملامحها، بدأ شعرها بالنمو مرة أخرى، وكانت مستعدة للعودة إلى كرسي العمل بعد سنتين من العلاج المتعب، لكن القدر كان له كلمته، إذ عاد المرض مجددا بشكل نادر ليصيب الكبد، لتصبح حالتها واحدة من ثلاث حالات فقط في البحرين. ومع ذلك، لم تتراجع عزيمتها، وظلت ابتسامتها سلاحها وسرا من أسرار الحياة كما تصف نفسها، مواصلة دورها ملهمة ومحفزة لكل من حولها، متفائلة بهزيمته مجددا حد اليقين. اعتمادها - بعد الله - كان على ابنتها، التي اتسمت بالإيثار والتفانـي. فعلى الرغم من أنها كانت في سنة التخرج من الجامعة، لكنها لم تبخل بوقتها ولا بجهدها، بل كانت مستودع القوة والإيجابية التي تستمد منها عزيمتها، والسند الأكبر في مواجهة الظروف الصعبة. السرطان يكشف خبايا الجسد لـيحميـه مما هــو أسوأ رحلة الاكتشاف لم يكن اكتشاف المرض صدفة، فمنذ أن دخلت عامها الأربعين كانت ملتزمة بالفحص الدوري السنوي (ماموغرام والأشعة فوق الصوتية). ففي موعد الفحص السنوي في فبراير 2023، تبين وجود خلايا غريبة الشكل والتكوين صغيرة الحجم تكاد لا تذكر، فتمت متابعتها خلال الأشهر التالية دون تخويفها، فقد يكون الأمر مجرد تغيير جينـي أو هرمونـي حميد. خلال تلك الأشهر الستة، وأثناء متابعة تطور الورم وتكرار الفحص، راودها شعور بوجود شيء ما، وأنها قد تكون مصابة بالمرض. وكان هذا الشعور بداية تقبلها لما هو مقبل. في أغسطس من نفس السنة، تمت مصارحتها وأخذت عينة للتأكد من طبيعة هذه التغيرات التي بدأت تنمو بسرعة. وكان موعدها مع الطبيبة الاستشارية في سبتمبر، برفقة صديقتها التي أصرت على المجيء معها لمساندتها. وفي وسط الانتظار، بادرت مباشرة بسؤال الطبيبة وهي تبتسم، فتفاجأت برد فعلها الهادئ. تنهدت الطبيبة وقالت: زنعم، النتيجة إيجابية وتؤكد وجود ورم خبيث في الثدي، وهو من النوع الغازي المتحرك الشرس، وزيادة حجمه بصورة سريعة خلال الأشهر الماضية تتطلب منا التدخل السريع للحد من انتشاره. ستبدئين بأخذ العلاج الكيميائي للسيطرة عليه، ثم سيتم استئصاله لاحقا وفق متابعتك المستقبلية مع طبيبة الأورامس. لتبدأ بعدها رحلة العلاج. تفانـي ابنتها وإيثارها كان الاعتماد الكلي على ابنتها في هذه المرحلة، لمساعدتها، ولرعاية أبيها المصاب بمرض السكري والمصاب بمضاعفات مزمنة في رجليه. في تلك الفترة، كانت الابنة تكمل مشروع تخرجها من الجامعة، لكنها اضطرت إلى تقديم طلب للانسحاب من السنة الدراسية؛ بسبب الظروف الصحية لوالدتها. فجاء الاعتراض الجماعي من جميع طلبة دفعتها، وأصروا على أن ترافقهم في حفل التخرج ويحتفلوا معا. لم يكتفوا بالدعم المعنوي، بل ساعدوها عمليا في إنجاز مشروع التخرج، وأثنى عليهم المشرف الأكاديمي على جهدهم وتفانـيهم، خصوصا خلال الأيام الصعبة التي كانت تعانـي فيها من مضاعفات العلاج الكيميائي، وغالبا ما كانت طريحة الفراش الأبيض لأيام عدة. وتقول: زلا أنسى يوم التخرج وفرحة الجميع بهذا اليوم المميز، حيث سلم عليّ جميع منتسبي الجامعة من إداريين وأكاديميين وطلبة. أخبرونـي أننـي المحاربة التي ألهمتهم وعززت فيهم الصبر، وأننـي أم لطالبة مثالية متميزة حصلت على درجة امتياز مع مرتبة الشرف رغم صعوبات ما مررت بهس. التصالح مع الذات كانت متصالحة مع نفسها، وتقبلت وضعها الجديد. فمنذ أن أبلغت بالنتيجة، ذهبت إلى صالون التجميل، وقصت شعرها قصيرا، وجهزت حقيبة بجميع احتياجاتها للمستشفى، وجلست مع أبنائها لتخبرهم عن وضعها الجديد، وما يجب أن يكون، وما دور كل واحد منهم. السرطان يكشف خبايا الجسد ليحميه مما هو أسوأ وتؤكد أن السرطان، حين يهاجم الجسم، يكشف كل خبايا هذا الجسد ليحميه مما هو أسوأ وأعظم. وبالنسبة لها، ترى أن الحياة في فترة المرض تظهر أرقى وأقوى وأعظم وأضعف ما في النفس؛ فهي تظهر الماهية الحقيقية للإنسان، إذ إن المرض يتأثر بقوة الإنسان، فإيجابيته تقويه، وضعفه يغذيه اليأس، وتضمحل قوته بانطفاء التفاؤل. وتقول: زالتقبل الداخلي هو ما ينشر الأمان لمن حوله، وهذا ما حدث معي؛ فإيجابيتي في تقبل الأمر منذ البداية، واختيار كلماتي لنفسي قبل الآخرين، كان له أثر مزدوج؛ إذ رأى البعض أننـي، ولله الحمد، فوضت أمري لرب العالمين، بينما شعر البعض الآخر بالأسى على وضعي، ولكن لم يطل الأمر كثيرا قبل أن يغيروا انطباعهم الأول عنـيس. تجربة سقوط الشعر عن تجربة سقوط الشعر، تقول: زلا شك أن جمال المرأة في شعرها، لكن لا ننكر أن الطفلة المولودة حديثا رائعة من دون شعر أيضا، وكوني أمًا أفرح حين أزينها وألبسها ربطات الرأس الملونة؛ كذلك كنت أناس. فقد كانت هي من بادرت بقص شعرها عندما بدأ يتساقط بسبب جرعات العلاج الكيميائي، مشذبة إياه بماكينة حلاقة زوجها دون علمه أو علم الأولاد، وفاجأتهم بمظهرها الجديد وهي تضحك وتقول: زعندي تدريب عسكري!س. وأضافت أن الوقت الذي كانت ستقضيه في العناية بشعرها أصبح كله مخصصا للاهتمام بلحظات العلاج. وأوضحت أن مستشفى الملك حمد، وتحديدا مستشفى البحرين للأورام، يوفر شعرا مستعارا مجانا لكل مرضى الأورام، كنوع من الدعم النفسي. قوة الشخصية تشع في الظلام وتؤكد أن قوة الشخصية تستطيع أن تشع في الظلام، فتبدد مآسي التخلف المجتمعي، والمعتقدات، والخزعبلات، ليحل محلها الثقة، والأمل، ونشر الوعي. فمرض السرطان، مثله مثل مرض القلب: صعب، لكنه قابل للإصلاح؛ ومثل الكسور: مؤلمة، لكنها تزول مع الوقت؛ ومثل الأكزيما: مزعج، لكن هناك مرطب؛ ومثل ضعف النظر: ما إن ترتدي النظارة الطبية حتى ترى بوضوح، وتبتسم قائلة: زالحمد للهس. ولفتت إلى أن الابتسامة سر الحياة، فهي تعزز الثقة بالنفس، وتساعد من حولك. ساعة في الفحص الروتينـي مرة في السنة لا تضر لكل محاربات سرطان الثدي، تقول: زمرض السرطان كأي مرض آخر، كان جديدا ومخيفا، ثم توافرت له علاجات كثيرة. فاعملي ما تحبين، فالأيام تمضي كأنها ثوان، وتذكري دائما أن الفحص المبكر هو الفيصل والمنقذ. ساعة في الفحص الروتينـي مرة في السنة لا تضر، لكنها قد توفر حياة جديدةس. وتؤكد أهمية تقبل الأمر إذا كانت النتيجة إيجابية، وكذلك تقبل الشكل الخارجي بتغيراته قبل التهيؤ النفسي. أما إذا كانت النتيجة سلبية، فلابد من الاستمرار في الفحص الدوري، خصوصا بعد سن الأربعين. وبينت أن المرض بحد ذاته يشكل تحديا؛ فمهما قرأنا عنه، وتثقفنا، وتعاملنا مع أشخاص مصابين به، ومهما كانت مراحل المرض متقدمة، فكل حالة تختلف عن الأخرى، حتى لو بدت متماثلة ظاهريا. الحياة لا تقف وتضيف: زالحياة لا تقف، ودوران الأرض مستمر، ودوام الحال من المحال، إلا أن يشاء الله. حين يكون الإيمان بالله قويا، تستصغر الأمور التي تؤرقنا. بالنسبة لي، حين يكون هدفي في الحياة أسرتي ومن حولي، يتضاءل حجم المرض وما أمر به من تعب بعد كل جلسةس. ابتسام بيتوتية من الدرجة الأولى، وتحب القراءة، والتطريز، والأعمال اليدوية، وهذا ما خفف عنها فترة العلاج الطويلة. فلم تكن مجبرة على الذهاب إلى ناد رياضي أو ملعب مفتوح، فالمهم أن تجد نفسها حيث ترتاح. إيقاظ المارد ولفتت إلى أنه في زحمة الدنـيا، هناك الكثير من المصاعب، لكن كيفية تخطيها هي الأهم. يجب علينا أن نمنح أنفسنا مجالا لتجاوز الأزمة، ونتعرف على المارد الجبار النائم بداخلنا، لنوقظه؛ ليتولى دفة القيادة فينا. فالأمر يشبه تماما السائق الذي يسلك طريقا، ثم يفاجأ بوقوع حادث سير أمامه؛ عندها لابد أن يتصرف بسرعة قبل أن يعوق وصول سيارة الإسعاف. أول ما يقوم به هو إعطاء إشارة تحذيرية للسائقين خلفه، ثم يبتعد إلى أقصى الطرف ليفسح المجال لسيارات الإنقاذ. مصدر إلهام ابتسام ما تزال تخوض معركتها مع المرض، وهي تحت العلاج الكيميائي حاليا بعد عودته مرة أخرى، ولكن هذه المرة في الكبد. وتعد حالتها ثالث حالة على مستوى مملكة البحرين، إذ إنها نادرة الحدوث، ونادرا ما تهاجم أجهزة الجسم البعيدة. وتواصل نشاطها ضمن فريق المساندة النفسية لمرضى السرطان، إذ إن لها مساهمات في بعض المحافل، لتشجيع باقي النساء على تخطي الخوف وإجراء الفحص الدوري. وقد أصبحت مصدر إلهام لكثير من المحاربات، يستعن بها في كثير من الأوقات الصعبة، فأدركت مدى قوة شخصيتها، وأصبحت تساند نفسها قبل غيرها، ولو بكلمات قليلة. السرطان مرض كغيره من الأمراض، قد يبدو جديدا ومخيفا في البداية، لكن أصبح له اليوم علاجات عديدة. فاعملي ما تحبين، فالأيام تمضي كأنها ثوان، وتذكري دائما أن الفحص المبكر هو الفيصل والمنقذ. إن ساعة واحدة للفحص الروتينـي مرة في السنة لا تضر، لكنها قد تمنحك حياة جديدة، وتذكري دائما أن الابتسامة سر الحياة، فهي تعزز الثقة بالنفس، وتساعد من حولك. والمرض بحد ذاته يشكل تحديا؛ فمهما قرأنا عنه، وتثقفنا، وتعاملنا مع أشخاص مصابين به، ومهما كانت مراحل المرض متقدمة، فكل حالة تختلف عن الأخرى، حتى لو بدت متماثلة ظاهريا. فالسرطان، حين يهاجم الجسم، يكشف كل خبايا هذا الجسد ليحميه مما هو أسوأ وأعظم. وبالنسبة لنا، فالحياة في فترة المرض تظهر أرقى وأقوى وأعظم وأضعف ما في النفس.

Articles similaires

Sorry! Image not available at this time

فضيلة العلواني: دموعنا أمام السرطان قوة ونجاتنا منه بطولة

albiladpress.com - 30/Sep 19:25

التجربة لا تستوعبها الكلمات في معظم حالات سرطان الثدي التي وثقتها...

Sorry! Image not available at this time

ديانا الشيخ.. ابتسامة متمردة على فلسفة السرطان

albiladpress.com - 30/Sep 19:16

السرطان كلمة مخيفة ومرعبة.. مرض يوصف بالخبيث لبشاعته ومكره وشراسته، ونطق اسمه وحده...

Sorry! Image not available at this time

فجر المنصوري: سقوط الشعر نعمة وأبسط الأعراض

albiladpress.com - 30/Sep 19:01

ابتسامتها لا تفارق شفتيها أبدا.. ابتسامة تجبرك على الابتسام وسط ركام الدنـيا وما...

Sorry! Image not available at this time

نورة عبدالله: السرطان أقرب مما نتوقع

albiladpress.com - 30/Sep 19:08

لم يخطر ببال نورة عبدالله يومًا، وهي تجلس في محاضرة للتوعية بسرطان الثدي، أنها...

Sorry! Image not available at this time

زهرة أحمد: تجربة سرطان الثدي ليست نزهة عابرة

albiladpress.com - 30/Sep 19:27

  زهرة أحمد، مديرة قسم في أحد البنوك، امرأة تعشق الحياة، وكانت تعيشها طبيعية...

Sorry! Image not available at this time

غدير عبدالعزيز.. وجه مضيء لكل محاربات سرطان الثدي

albiladpress.com - 30/Sep 18:33

غدير عبدالعزيز حكواتية بارعة، تعيد قراءة قصص الأطفال، فتستنطق الحروف الجامدة،...

Sorry! Image not available at this time

فضيلة المدني: الفحص المبكر أعظم قرار اتخذته في حياتي

albiladpress.com - 30/Sep 19:20

فضيلة المدنـي إحدى المتعافيات من سرطان الثدي. امرأة مكافحة وعصامية، تتقن مواجهة...

Sorry! Image not available at this time

نوف القطان.. ابتسامة شجاعة في وجه جبروت “الخبيث”

albiladpress.com - 30/Sep 19:33

ثقـوا بأنـكم أقــوى مما تتـصورون نوف القطان محاربة سرطان الثدي، والممرضة...

Sorry! Image not available at this time

عفاف البلوشي: الحالة النفسية المرنة والتفكير الإيجابي من أقوى العلاجات

albiladpress.com - 30/Sep 19:24

عفاف البلوشي، إحدى المتعافيات من سرطان الثدي، محاربة لا يوجد في قاموسها معنى...

Sorry! Image not available at this time

مريم جعفر تفك شفرات المرض وتنتصر

albiladpress.com - 30/Sep 19:29

أتقنت فلسفة الجسد والاستماع إلى صوتي الداخلي محاربات سرطان الثدي هن مستودع...